هَاجَت حَربُ الفجارِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ابنُ عِشرِينَ سَنَةً. وَإنَّمَا سُمِّيَ يَومَ الفجارِ، بِمَا استَحَلَّ هَذَانِ الحَيَّانِ، كِنَانَةُ وَقَيسُ عَيلَانَ، فِيهِ مِن المَحَارِمِ بَينَهُم.
وَكَانَ قَائِدُ قُرَيشٍ وَكِنَانَةَ حَربُ بنُ اُمِّيَّةَ ، وَكَانَ الظَّفَرُ فِي أوَّلِ النَّهَارِ لِقَيسٍ عَلَى كِنَانَةَ، حَتَّى إذَا كَانَ فِي وَسَطِ النَّهَارِ كَانَ الظَّفَرُ لِكِنَانَةِ عَلَى قِيسٍ.
قَالَ ابنُ هِشَامٍ:
وَشَهِدَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ بَعضَ أيَّامِهِم، أخرَجَهُ أعمَامُهُ مَعَهُم.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: كُنتُ أنبُلُ عَلَى أعمَامِي: أي أرُدُّ
عَلَيهِم نَبلَ عَدُوِّهِم إذَا رَمَوهُم بِهَا.
بِمَعنى المفاجرة، كالقتال والمقاتلة، وَذَلِكَ أنه كَانَ قتالا فِي الشَّهر الحَرَام فَفَجَرُوا فِيهِ جَمِيعًا، فَسمى الفجار | الفجار (بِالكَسرِ) |
وَكَانَ للعَرَب فجارات أربَعَة، آخرهَا فجار البراض هَذَا. وَأما الفجار الأول
فَكَانَ بَين كنَانَة وهوازن، وَكَانَ الّذي هاجه أن بدر بن معشر، أحد بنى عقال بن مليك من كنَانَة، جعل لَهُ
مَجلِسا بسوق عكاظ، وَكَانَ حَدثا منيعا فِي نَفسه، ثمَّ كَانَ أن افتخر فِي السُّوق وتصدى لَهُ الأحيمر بن
مَازِن أحد بنى دهمان، ثمَّ تحاور الخيان عِند ذَلِك حَتَّى كَاد أن تكون بَينهمَا الدِّمَاء، ثمَّ تراجعوا
وَرَأوا أن الخطب يسير. وَكَانَ الفجار الثَّانِي بَين قُرَيش وهوازن، وَكَانَ الّذي هاجه فتية من قُرَيش تعرضوا لامرَأة من بنى عَامر ابن صعصعة، فهاجت الحَرب. وَكَانَ بَينهم قتال وَدِمَاء يسيرَة، فحملها حَرب بن اُميَّة وَأصلح بَينهم. وَكَانَ الفجار الثَّالِث بَين كنَانَة وهوازن، وَكَانَ الّذي هاجه أن رجلا من بنى كنَانَة كَانَ عَلَيهِ دِيَة لرجل من بنى نصر، فأعدم الكِنَانِي، فَعير النَّصرَانِي ذَلِك قومه بسوق عكاظ، فَقَامَ إلَيهِ كنانى فَضَربهُ، ثمَّ تهايج النَّاس حَتَّى كَاد أن يكون بَينهم قتال، ثمَّ تراجعوا. |