وَكَانَت الأحبَارُ مِن يَهُودَ، وَالرُّهبَانُ مِن النَّصَارَى، وَالكُهَّانُ مِن العَرَبِ، قَد تَحَدَّثُوا بِأمرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَبلَ مَبعَثِهِ، لَمَّا تَقَارَبَ مِن زَمَانِهِ. أمَّا الأحبَارُ مِن يَهُودَ، وَالرُّهبَانُ مِن النَّصَارَى، فَعَمَّا وَجَدُوا فِي كُتُبِهِم مِن صِفَتِهِ وَصِفَةِ زَمَانِهِ، وَمَا كَانَ مِن عَهدِ أنبِيَائِهِم إلَيهِم فِيهِ. وَأمَّا الكُهَّانُ مِن العَرَبِ فَأتَتهُم بِهِ الشَّيَاطِينُ مِن الجِنِّ فِيمَا تَستَرِقُ مِن السَّمعِ، إذ كَانَت وَهِيَ لَا تُحجَبُ عَن ذَلِكَ بِالقَذفِ بِالنُّجُومِ. وَكَانَ الكَاهِنُ وَالكَاهِنَةُ لَا يَزَالُ يَقَعُ مِنهُمَا ذِكرُ بَعضِ اُمُورِهِ، لَا تُلقِي العَرَبُ لِذَلِكَ فِيهِ بَالًا، حَتَّى بَعَثَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَوَقَعَت تِلكَ الاُمُورُ الَّتِي كَانُوا يَذكُرُونَ، فَعَرَفُوهَا.

فَلَمَّا تَقَارَبَ أمرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَحَضَرَ مَبعَثُهُ، حُجِبَت الشَّيَاطِينُ عَن السَّمعِ، وَحِيلَ بَينَهَا وَبَينَ المَقَاعِدِ الَّتِي كَانَت تَقعُدُ لِاستِرَاقِ السَّمعِ فِيهَا، فَرُمُوا بِالنُّجُومِ، فَعَرَفَت الجِنُّ أنَّ ذَلِكَ لِأمرٍ حَدَثَ مِن أمرِ اللَّهِ فِي العِبَادِ